طائر أخضر يُدعى "بيكو"، وكرة قدم ممزقة، وخاتم ذهبي، ورسائل رُسم عليها قلب من صديقة بالمدرسة.

هذه بعض الأشياء التي حملها فلسطينيون معهم، بعد إجبارهم على ترك منازلهم خلال عامين من الحرب، التي انتهت الآن مؤقتاً بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

في غزة، يعود الناس الآن إلى ما تبقى من مجتمعاتهم. كثيرون لا يجدون سوى الأنقاض، حيث أصبحت الأشياء التي كانوا يعتزون بها مدفونة تحت الأنقاض.

تحدثت بي بي سي إلى الناس عن الأشياء - من المعنوية إلى المادية - التي احتفظوا بها طوال الحرب، والمخاطر التي تحملوها للحفاظ عليها.

بالنسبة لي، حيواناتي الأليفة هي روحي. أينما ذهبت، ترافقني. أعاملها كما أعامل طفلي.

دُمِّر منزلي، لذا أعيش حالياً في شقة أمي مع ابني. تضررت الشقة بشدة، لكن وضعنا أفضل من غيرنا. نزحت عدة مرات خلال الحرب، بما في ذلك البقاء في الشارع لأيام دون مأوى حتى وفّر لنا بعض الناس الطيبين خيمة. لقد أذلّتنا هذه الحرب. لقد حطمتنا.

لديّ سلاحف وطائر ببغاء يُدعى "بيكو" ذو منقار وردي، عندما أتحدث إليه، يُجيبني ويبتسم معي. أما القط "لوكا"، عندما أبكي، يأتي ليبكي معي. أناديه "لوكا" لأنني وجدته مصادفة (بالإنجليزية Luca - Luck بمعنى حظ). وجدته في الشارع مُغطّى بالحشرات.

في النزوح الأخير، عندما وصلت الدبابات إلينا، ذهبت إلى منزل عائلة أخرى، لكنّ الناس انزعجوا من حيواناتي الأليفة، فعدت إلى شقة أمي رغم صدور أوامر إخلاء ووجود الدبابات في المكان. بقيت هناك بمفردي حتى رُفع الأمر.

قفص الطيور مهترئ ومكسور الآن من كثرة نقله من مكان لآخر. لم يعد مناسباً لها، لكن لا يوجد بديل، وحتى لو وجدتُ واحداً فسيكون مكلفاً للغاية. كما أنني عانيتُ كثيراً لإيجاد طعام للحيوانات.

لكنني لن أسمح لأي أذى أن يصيبها - طيوري وسلاحفي وقطتي. إنهم روحي، أطفالي، ويفهمونني. أنا سعيدة لأجلهم الآن بعد توقف القصف.

في النزوح الأخير، عندما وصلت الدبابات إلينا، ذهبت إلى منزل عائلة أخرى، لكنّ الناس انزعجوا من حيواناتي الأليفة، فعدت إلى شقة أمي رغم صدور أوامر إخلاء ووجود الدبابات في المكان. بقيت هناك بمفردي حتى رُفع الأمر.

قفص الطيور مهترئ ومكسور الآن من كثرة نقله. لم يعد مناسباً لهم، لكن لا يوجد بديل، وحتى لو وجدتُ واحداً فسيكون ثمنه باهظاً. كما أنني عانيتُ كثيراً لإيجاد طعام للحيوانات.

لكنني لن أسمح لأي أذى أن يصيبهم - طيوري وسلاحفي وقطتي. إنهم روحي، أبنائي، يفهمونني. أنا سعيدة لأجلهم الآن بعد توقف القصف.

داليا أحمد بدير، 15 عاماً

احتفظتُ بصندوق صغير يحتوي على رسائل وأساور من صديقاتي. إنها عزيزة على قلبي لأنها من صديقاتي، وبعضهن استشهدن في الحرب.

هذه الرسائل من أيام تخرجنا من المدرسة الابتدائية. تقول فيها صديقاتي إنهنّ سيبقين معي وسيتذكرنني دائماً.

كلما شعرتُ بالحزن أو القلق في الحرب، كنتُ أقرأ الرسائل، فكانت تُعطيني التفاؤل والأمل. أتذكر الفتاة التي كتبتها، وأدعو لها وأفتقدها بشدة.

إحدى هذه الرسائل من صديقة استشهدت. كتبت لي أنها تحبني، وستظل تحبني، وأنني كنت أعز صديقاتها، وعندما التقت بي كان أسعد يوم لها في المدرسة، وتتمنى ألا أنساها.

إحدى الرسائل من صديقة استشهدت. كتبت لي أنها تحبني، وستظل تحبني، وأنني كنت أعز صديقاتها، وعندما التقت بي كان أسعد يوم لها في المدرسة، وتتمنى ألا أنساها.

في إحدى المرات أثناء إخلائنا، فقدت الصندوق، فبحثت عنه بين الحقائب، وعندما لم أجده شعرت كأنني فقدت كل شيء. بحثت عنه حتى وجدته، ومنذ ذلك الحين، أينما ذهبت، يكون معي دائماً في يدي أو في حقيبتي.

هذا هو الشيء الوحيد الذي بقي معي بعد أن دُمر منزلنا. إنه الذكرى الوحيدة.

إنه لأمر مُهين أن تضطر للانتقال من مكان لآخر، دون أن تملك حتى المال اللازم لنقل أغراضك. لسنا معتادين على هذا النوع من الحياة - العيش في الخيام.

دُمّر مركز طب الأسنان الذي كنت أعمل فيه، ولم يعد ابني قادراً على الذهاب إلى المدرسة، واختفت جامعة ابنتي.

ما زلت أحمل بطاقة تسجيل عائلتي الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي تُذكرني بحقوقي كلاجئ فلسطيني. منذ صغري، كنت أشاهد والديّ يأخذان بطاقتيهما عندما نذهب إلى العيادات أو لشراء الطعام.

بالنسبة لي، إنها مهمة جداً، حتى لو لم تعد كذلك - فهي لا تُوفر لي الطعام أو أي شيء. إنها هويتي وهوية أطفالي. إنها كل شيء بالنسبة لي. أحبها كثيراً. في كل مرحلة من حياتي، كانت هذه البطاقة معي. لن أتركها.

نحن معروفون كعائلة كرة قدم - كلنا نحب كرة القدم كثيراً. تدور حياتنا كلها حولها. الآن مع الحرب، توقف كل شيء - لم نعد نشاهد المباريات، وعندما نبحث عن أماكن للّعب، نزيل الأنقاض لمجرد إفساح المجال لمباراة.

لعامين من الحرب، كانت كرة القدم معي. حتى عندما تشرّدنا، حملنا الكرة معنا ونمنا بجانبها.

كرة القدم تُطلق كل طاقتك - تُزيل المشاعر السلبية.

مع ارتفاع الأسعار، أصبحت كرات القدم في غزة نادرة، لذا لم نعد نملك سوى كرة واحدة. في إحدى المرات نزحنا ونسيناها. خاطرنا بحياتنا لنعود ونسترجعها.

بطريقة ما، تمكّنا من مواصلة مسيرتنا بتلك الكرة.

هاتفي هو أهم شيء حملته معي طوال فترة الحرب. لا أستطيع الاستغناء عنه. إنه وسيلتي للبقاء على اتصال مع العالم.

يتصل بي أخي المقيم خارج غزة على هذا الهاتف، و أحتفظ به دائماً في يدي. كما كان وسيلةً للاطمئنان على أخي الآخر، الذي كان في منطقة أخرى من غزة طوال فترة الحرب.

كنت أتابع الأخبار من خلاله أيضاً. كما أنني أكمل دراستي الجامعية، وأدرس من خلاله.

تابعتُ الأخبار من خلالها، كذلك أُكمل تعليمي الجامعي، وأدرس عبر هاتفي.

"فقدان هاتفي أشبه بالموت"

استخدمته كثيراً لتصوير القصف، منذ اليوم الأول للحرب وحتى اليوم. أنشر القصص ليشاهدها الناس في الخارج، وليعرف أقاربنا في الخارج ما يحدث لنا ومن حولنا.

لولا هاتفي، لما استطعت العيش هنا. لن يعرف أحد كيف يصل إلينا. فقدانه أشبه بفقدان كل شيء - بالنسبة لنا، سيكون الأمر أشبه بالموت.

حسام الدين أبو العلا، 26 عاماً

حملتُ معي ساعة أخي وسواره ونظارته الشمسية.

قُتل على يد القوات الإسرائيلية في بداية الحرب، لذا لم يبق الآن سوى أنا وأمي. توفي والدي عندما كان عمري عاماً واحداً، وكان عمر أخي عامين.

هذه هي ذكرياتي معه. تمنحني شعوراً بأنه معي دائماً، حتى عندما أكون نازحاً.

كنا روحاً واحدة في جسدين. كنا دائماً معاً - داخل المنزل وخارجه، نساعد أمي لأنها مريضة. الآن كل شيء على عاتقي وحدي. صحتها تتدهور منذ وفاة أخي، وأصبتُ بجروح، لذا من الصعب رعايتها.

في المرة الأخيرة التي نزحت فيها، عندما أصدرت القوات الإسرائيلية أوامر الإخلاء، غادرتُ المبنى دون أغراض أخي. كان الوضع خطيراً للغاية. كان هناك الكثير من إطلاق النار. لكنني عدتُ لأحضرها.

أحتفظ بها في حقيبة مع وثائق مهمة. لا أريد ارتداء هذه الأشياء خوفاً من إتلافها أو فقدانها، لذلك عادةً ما أخفيها.

كانت عائلتي تعيش في مدينة غزة بداية الحرب، عندما استشهد زوجي في قصف، بينما كان يمرّ أمام مبنى استُهدف.

نزحتُ إلى خان يونس جنوباً. جئتُ إلى هنا في سيارة إسعاف مع ابني لأنه مصاب بالسرطان.

كان زوجي هو مُعيل الأسرة. منذ وفاته، نحصل أحياناً على تبرعات، لكن ليس هناك من يُعيلنا حقاً.

بعد وفاته، دُمرت شقتنا الصغيرة.

الشيء الوحيد الذي لطالما احتفظتُ به هو خاتم زواجي. مهما كانت المعاناة التي مررنا بها في الحرب، احتفظتُ به معي لأنه يُذكرني بزوجي، وهو كل ما تبقى لي منه، إلى جانب أطفالي.

أينما ذهبت، أحتفظ به، وحتى عندما مررنا بضائقة مالية، احتفظت به.

النزوح ليس إلا معاناة. التنقل من مكان لآخر، وحمل الأمتعة ذهاباً وإياباً، واستئجار عربات، وتحميل السيارات، وتكرار نفس الدورة المرهقة. العيش في خيمة مُهين. في الصيف، الحرّ شديد، وفي الشتاء، البرد قارس.

أقدر ما أملكه هي قوارير المياه. إنها أساس الحياة، ومن دونها نحن لا شيء.

حملتُ نفس القوارير لمدة عامين خلال مرات نزوح متعددة. حميتها، ولم أسمح لأطفالي بحملها حتى لا تتلف، ولكن مع ذلك، لم ينجُ من بين أربع قوارير سوى اثنتان.

من دونها، لا نستطيع جلب الماء أو شربه. فمياه الشرب المعبّأة نادرة، لذا فإن هذه القوارير هي كل ما نملك للشرب والطهي.

تم تحرير هذه الروايات لاختصارها وتوضيحها. أجريت بعض المقابلات قبل وقف إطلاق النار.