الإمام الحسين: ما سر احتفال المصريين بمولد "ولي النعم" مرتين كل عام؟
- Author, أميمة الشاذلي
- Role, بي بي سي عربي - القاهرة
"أنا لا آتي إلى هنا بمزاجي؛ فعندما يريد هو أن آتي إليه، يتحقق الأمر"، هكذا قالت شيرين، السيدة التي التقيتها أمام مقام الإمام الحسين في القاهرة، مؤكدة أن زيارة حفيد النبي محمد غير ممكنة إلا من خلال ما يشبه "بطاقة دعوة" ترسَل إلى محبيه حيثما كانوا.
هذا المفهوم ستجده لدى كثير من المصريين، المثقفين منهم وغير المثقفين، الذي يؤمنون بأن زيارة مقام الإمام الحسين لا يحظى بها إلا من أذِن لهم هو بنفسه، ويفسرون هذا الإذن من خلال تسهيل رحلة وصولهم إليه، والسماح لهم بالوقوف في حضرة مقامه.
وتشرح شيرين لبي بي سي عربي: "كما لا يمكن لأحد أن يزور أحداً في بيته بغير دعوة، كذلك صاحب المقام الذي لو كنتَ بجواره ولم يُردك، فلن تدخل عليه"، ما استدعى من ذاكرتي ذلك المشهد الشهير للفنانة آمال زايد في فيلم "بين القصرين" وهي تقول لـ (سي السيد): "سِيدْنا الحُسِين دعاني قُمت لَبّيت"؟!
ومع هذا، فإن شيرين التي تؤمن بأن "من زار الأعتاب ما خاب"، لا تحبّذ الزيارة خلال ما يُعرف لدى المصريين بـ "المُولد" نظراً للزحام الشديد الذي لا يُمكّنها من دخول المسجد؛ لكنها تزور الحسين بين الحين والآخر.
وعلى الرغم من أن هذا المكان الذي يقع في قلب القاهرة، بات هو وساحاته قبلة للزائرين من حول العالم؛ إلا أن السياح، ومواطنين مثل شيرين، ربما يجدون صعوبة في الوصول إليه خلال احتفالات المولد، عندما يمتلئ عن آخره بـ "محاسيب سيدنا الحسين" حتى لا يبقى موطئ قدم في هذا الحي العريق الذي يشهد ما يشبه المظاهرة الحاشدة مرتين خلال العام.
ومن المشهور أن الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد، ولد في أوائل شهر شعبان في العام الرابع الهجري؛ لكن المصريين يحتفلون به أيضاً في الثلاثاء الأخير من شهر ربيع الآخر، في حدث يطغى على الاحتفال بيوم مولده، ويوافق هذا العام 21 أكتوبر/تشرين الأول. فلماذا؟
"ميلاد جديد للمصريين"
"المصريون متعلقون بآل البيت عن طريق الإمام الحسين، فهو مفتاح محبتهم لآل البيت جميعاً"، كما تقول نوارة نجم، الصحفية والكاتبة المصرية، التي أكدت أنها لا تنقطع عن زيارة مقامه كلما نشدت "الراحة".
ووصفت في حديثها لبي بي سي وصول "الرأس الشريف" إلى مصر، بحسب عقيدة كثير من المصريين، بأنه بمثابة "ميلاد جديد للمصريين، ميلاد روحاني"، دفعهم إلى إطلاق مسمى "مولد" على هذه المناسبة التي ينظر إليها المصريون بفرحة وفخار.
ومن العجيب أن التعبير ذاته جرى على لسان إمام وخطيب مسجد الحسين بالقاهرة، الدكتور مؤمن الخليجي، الذي قال لبي بي سي "كأنه ميلادٌ جديدٌ للمصريين"، فعبروا عن بشراهم بقدومه إلى مصر بأنه "مولد".
وعلى الرغم من وجود روايات مختلفة بشأن مكان هذا "الرأس الشريف"، فإن محبة المصريين للإمام الحسين بشكل خاص تجعله يحتل مكانة خاصة في قلوبهم.
وقال الدكتور عبد الباقي القطان، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة عين شمس، لبي بي سي إن الفاطميين والمصريين في ذلك التوقيت رأوا في وصول الرأس "ميلاداً جديداً، أو ميلاداً ثانياً للإمام الحسين بعد الميلاد الأول".
ومن اللافت للنظر أن عدداً من المؤرخين ذكروا أن رأس الإمام الحسين وصل إلى القاهرة في يوم الأحد، الثامن من شهر جُمَادى الآخرة عام 548هـ. ومع ذلك، يحتفل المصريون بهذه الذكرى قبل الموعد المنصوص عليه بشهرين بحسب التقويم الهجري.
ويقول الدكتور القطان إن اختيار التاريخ ربما يعود "لأول تحرك بالرأس من عسقلان"، حين حمله الأفضل، الوزير الفاطميّ، نحو مصر في آخر شهر ربيع الآخر، مضيفاً أن الأمر ربما يعود أيضاً للخلاف حول وصول الرأس إلى القاهرة، الذي أرّخه البعض بأنه في ربيع الآخر عام 549هـ.
أما إمام المسجد الحُسيني، فقد أرجع الأمر إلى أنه من باب "استبشار" المصريين بعد علمهم بقرب وصوله، كاستبشار أهل الحجاز بمولد جده النبي محمد، بعد "الإرهاصات" أو ظهور علاماتٍ تبشّر بميلاد نبي جديد، بحسب السردية الإسلامية.
صدر الصورة، دكتور مؤمن الخليجي إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية المحتوى في موقع YouTube قد يتضمن إعلانات
نهاية YouTube مشاركة, 1
وأضاف لبي بي سي أن الاحتفالات بمولد الإمام الحسين داخل مسجده "تسودها السكينة؛ وتشمل مَقارئ القرآن، ومجالس الحديث، ودروساً عن حياة النبي وسيرته وحب آل البيت، وأمسياتٍ تشمل تلاوات القرآن والابتهالات".
كما تستمر المدائح طول تلك الأيام، وتوزيع الحلوى، بحسب الشيخ مؤمن الخليجي، الذي قال إن الطقوس ذاتها تتكرر في مولده في شعبان؛ لكن الحضور الجماهيريّ خلال الاحتفال بوصول الرأس الشريف في ربيع الآخر يكون أكبر بكثير.
"وأضاء مصر بوجهه الوَضّاء"
حب الحسين وسيلة السعداءِ
وضياؤه قد عم في الأرجاءِ
سِبطٌ تفرّع منه نسلُ المصطفى
وأضاءَ مصرَ بوجههِ الوَضَّاءِ
كلمات أنشدها القارئ والمبتهل الشيخ طه الفشني، الذي توفي في أوائل سبعينيات القرن الماضي، تشير إلى عقيدة راسخة لدى معظم المصريين بأن رأس الحسين، سِبط النبي محمد، أي ابن ابنته، قد دُفن في أرضهم، على الرغم من أن في مصر من ينكر ذلك، مثل بعض المنتسبين لما يُعرف بـ "التيار السلفي".
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية المحتوى في موقع YouTube قد يتضمن إعلانات
نهاية YouTube مشاركة, 2
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بعد مقتل الإمام الحسين في العراق، في العاشر من شهر محرم عام 61 هـ الموافق العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 680م، دُفن جسده في الموضع المعروف اليوم بالعَتَبة الحُسينية في كربلاء، وذلك بإجماع المؤرخين.
أما الرأس، فوقع حوله خلاف نتيجة الأحداث التي تلت مقتل الحسين على يد جيش ابن زياد والي العراق في عهد الخليفة الأموي اليزيد بن معاوية، الذي طاف جيشه بالرأس في مدن مختلفة، ما بين العراق والشام، بحسب المؤرخين.
فهناك روايات تعتقد بأن رأس الحسين التحق بالجسد في كربلاء، في اليوم الأربعين من مقتله، بحسب فقهاء ورواة المذهب الشيعي مثل الشريف المرتضى في القرن الرابع الهجري، وابن الفتال النيسابوري في القرن الخامس الهجري، وابن شهر أشُوب الذي عاش في القرنين الخامس والسادس الهجري، والسيد ابن طاووس في القرن السادس الهجري.
وهناك روايات أخرى بأن الرأس عاد إلى المدينة المنورة، ودفن بجوار أمه السيدة فاطمة في البقيع، كما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد المؤرخ والمُحدث في القرن الثاني الهجري، والمحدث ابن تيمية الذي عاش في القرنين السابع والثامن الهجري.
كما وردت روايات بأن رأس الحسين دُفِن في خزانة الأسلحة في دمشق منذ عهد اليزيد بن معاوية، وقيل في باب الفراديس، أحد الأبواب التاريخية في دمشق القديمة كما ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية).
أما الرواية التي تبناها أهل مصر، فتستند إلى قول عدد من المؤرخين بأن الرأس نُقل من دمشق التي كان بها قصر الخلافة الأموية، إلى عسقلان في فلسطين.
بعد ذلك، نُقل الرأس من عسقلان إلى القاهرة عام 548هـ، وقيل 549هـ بحسب عدد من المؤرخين التالي ذكرهم، معظمهم أكد وجوده في القاهرة، والبعض الآخر ذكر مصر في معرِض الحديث عن الخلاف حول مُستقر الرأس.
من بين هؤلاء المؤرخين ابن ميسر، وابن العمراني، وسبط ابن الجوزي، وعلي بن أبي بكر الهروي، وابن بطوطة، والمقريزي، والقلقشندي، وابن إياس، والحافظ السخاوي، وعثمان مدوخ.
ومن اللافت هنا أن الدولة الأيوبية التي أغلقت أبواب الجامع الأزهر لنحو قرن بعد إسقاط الدولة الفاطمية، لم يرو التاريخ في صفحاته أن أحد سلاطينها أغلق مسجد الإمام الحسين.
بل إن المقريزي ذكر في جملة حديثه أنه لما تولى السلطان الملك الناصر "صلاح الدين" الحكم، جعل بمسجد الإمام الحسين حلقة تدريس وفقهاء، وفوّضها للفقيه البهاء الدمشقيّ.
"أقدم مخطوطة تاريخية" عن وجود رأس الحسين في مصر
وقد تواصلت بي بي سي مع المكتبة البريطانية بشأن ما قيل إنها "أقدم مخطوطة تاريخية" ترجح نقل رأس الحسين من عسقلان إلى مصر، وتعود للمؤرخ أحمد بن يوسف بن علي، الشهير بابن الأزرق الفارقي، الذي كان قاضياً ينتمي إلى عائلة مرموقة في ميّافارقين، أشهر مدن ديار بكر الواقعة اليوم في تركيا.
وكان جد الفارقي ذا صلة بالأمراء والرؤساء والوجهاء، وكان ابن الأزرق ذاته كثير الترحال والسفر، لاسيما لزيارة قبور الصالحين وأضرحتهم، وزار بغداد نحو ثلاث مرات والتقى فيها بالخلفاء والوزراء والقضاة، وقرأ على كبار علمائها، كما سافر إلى دمشق وغيرها من البلدان.
وفي كتاب "تاريخ ميّافارقين"، يذكر الفارقيّ في المخطوطة - التي حصلت بي بي سي على نسخة مصورة منها - الروايتين الأشهر؛ الأولى التي تقول إنه "كان بدمشق قوم من عسقلان فطلبوا منه رأس الحسين فأعطاهم إياه فحملوه إلى عسقلان، وبنوا عليه مشهداً عظيماً وغُرم عليه ملك لا يُحصى".
وأضاف الرواية الثانية التي تشير إلى العراق في فصل "ذكر ولاية يزيد بن معاوية ومقتل الحسين" قائلاً: "وقيل إنه حُمل الرأس إلى كربلاء ودُفن مع الجثة، والصحيح الأول المتواتر".
وقال إن الرأس بقي بعسقلان إلى سنة 549هـ، حين "قويت الإفرنج على أهل مصر" بحسب تعبيره، فخرج إليهم الخليفة الظافر الذي حمل الرأس ملفوفاً في صندوق على صدره من عسقلان إلى مصر وبنى عليه بمصر مشهداً عظيماً وأنفق عليه مالاً لا يُحصى".
وتابع: "ونُقل جميع ما كان في المسجد بعسقلان إلى مصر، وكان فيه الآلات والذهب والفضة والآنية والبسط والستور ما لا يحصى كثرة، وحصل الجميع بمصر، وبعد ثلاثة أيام، نازلت الإفرنج عسقلان وأهلها وملكتها وخرجت عن حكم الإسلام إلى الآن"، أي العصر الذي كتب خلاله كتابه.
وتتضح أهمية هذه المخطوطة في كون ابن الأزرق عاصر تلك الفترة الزمنية، وإن لم ينص على أنه شَهِدها بنفسه؛ حيث ولد في عام 1116 أو 1117 ميلادياً بحسب المكتبة البريطانية، أي في عام 510 هجرياً.
وتشير المكتبة البريطانية إلى أن ابن الأزرق ألف كتابه في عام 572، أي بعد نحو 20 عاماً من التاريخ الذي يرتبط بنقل رأس الإمام الحسين إلى مصر، كما يُقال. وبذلك تعد هذه المخطوطة الأقرب زمناً لهذا الحدث.
ويقول ابن إياس، المؤرخ المصري في القرن التاسع الهجري: "إنّ رأس السيد الحسين لما نُقلت من عسقلان إلى القاهرة، أحضرت في علبة مغلّفة بجلد".
وقال المقريزي: "ويُذكر أنّ هذا الرأس الشريف لما أُخْرِج من المشهد بعسقلان، وُجِدَ دمه لم يجف، وله ريح كريح المسك"، فجيء به في "عشاري" مفرد عشاريات وهي مراكب الدولة التي كانت تحمل الغِلال في النيل، إلى أن حط الرأس ببستان "الكافوري".
وأضاف المقريزي أن الرأس "حُمل في السرداب إلى قصر الزمرّد، ثم دفن عند قبة الدَيْلم بباب دِهليز الخدمة [المكان الحالي للضريح]، فكان كل من يدخل الخدمة يقبّل الأرض أمام القبر".
"الحسين جزء من ثقافتنا المصرية"
في الثقافة المصرية بشكل عام، ستجد النداء باسم الحسين والإشارة إليه في تجليات مجتمعية مختلفة بخلاف السياق التاريخي؛ فهو في أغنيات عبد المطلب وصباح وعلي الحجار ومحمد منير، وفي أناشيد الكحلاوي وابتهالات الشيخ النقشبندي والشيخ طه الفشني.
كما ستجده حاضراً في كتابات طه حسين، وروايات نجيب محفوظ، وعلى لسان يوسف وهبي وعمر الشريف في أفلامهما، وفي أشعار فؤاد حداد، وأحمد فؤاد نجم، وأمل دنقل، وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم.
هذا ما دفع صديقتي المسيحية ماريان إلى أن تطلب مني زيارة مقام الحسين خلال عطلتها القصيرة التي تقضيها في أرض الوطن كل عام، قبل أن تعود إلى أيرلندا حيث تقيم هي وزوجها.
لم يكن في حوزتها حجاب أو غطاء للشعر، ومع ذلك، دخلت حاسرة الرأس في صُحبتي دون أن يعترض أحد طريقها كما كانت تترقب، ووقفت في حضرته في خشوع دون أن تلفت نظر إحداهن.
"الحسين جزء من ثقافتنا المصرية؛ وقد غلبني الفضول لأتعرف إلى الضريح وما يفعله الناس هناك". كانت هذه إجابة ماريان بعد وقت طويل من الزيارة، حين طاوعتُ فضولي الصحفي لأسبر أغوار مشاعرها.
وأضافت: "حين دخلتُ، شعرتُ بأنني أشاهد الناس من منظور مختلف عن تصوراتي السابقة، رأيت أناساً منكسرين يغمرهم العشم والإيمان. رأيتُ أناساً مجردين من أقنعتهم، يدعون الله من قلوبهم، والله يسمع دعاءهم".
ويقول القس دوماديوس، أحد القساوسة المصريين عن الإمام الحسين: "إن روحه أعطت للبشرية طاقة من الإيثار والعطاء والبذل، وأنه سطّرَ مجد البشرية بدمائه".
"فدى دِين جده برقبته"
تقول نوارة نجم لبي بي سي إن الزوار حين يدخلون مقام الإمام الحسين، ينادونه "يا شهيد"؛ لأن المصريين بطبعهم يُعلون من مقام الشهادة، فهي في وجدانهم "سلسلة متصلة لكل من يقدم نفسه وشبابه تضحية وفداء، بدءاً من قصة أوزوريس لدى قدماء المصريين، مروراً بالسيد المسيح، ووصولاً إلى الإمام الحسين".
وتضيف أن الإمام الحسين بحسب السردية المصرية، كانت لديه من "القوة الروحية" ما جعله يتحمل ما لا يتحمله الضعفاء، ليجلب لهم الفرج والسعادة.
ويعبر المصريون عن هذه التضحية الحسينية بأنه "فدى دين جده برقبته"، كما تحكي نوارة، التي قالت إنه "بطل" المهمشين والفقراء والمساكين، الذين يرون أنه انحاز إليهم وضحى بنفسه في سبيلهم، موضحة أنها لا تعلم سبب هذه السردية بالتحديد.
واستشهدت في حديثها بأشعار أبيها، أيقونة الشعر العامي المصري، أحمد فؤاد نجم، الذي انعكس حبه للإمام الحسين على أشعاره، مقتبسة ما قاله عن الحارة القريبة من حي الحسين، التي عاش فيها نجم فترة مؤثرة من حياته:
يا (حُوش قَدَم) يا دارنا
يا ساكنْ حُضن جارنا
سِيدْنا الحُسين تبارَك
شهيدِ الإنسانية
مدد سِيدْنا وشَهيدْنا
يا قايِل ومُواعِدْنا
يِكونْ عيدَك وعِيدْنا
يُومْ طَلْعِة شمسِ جاية
وعلى الرغم من الأحداث الأليمة التي انتهت بمقتل الإمام الحسين، فإن ذكره لا يزال يرتبط في وجدان المصريين بالبهجة لا بالألم، في "بُعْد فلسفي مصري خالص"، أعربت ابنة نجم عن تبنّيها له، مشيرة إلى أنها لا تتحدث عنه إلا والابتسامة تعلو وجهها.
وعبرت شيرين عن المعنى ذاته، غير عابئة بما كان يُقال لها عن "عدم مشروعية زيارة الأضرحة" كما أخبرتني، قائلة "ملامح الإنسان تتغير بعد زيارة آل البيت؛ حيث يتبدّى النور على وجهه".
ويتجسد هذا الابتهاج في زغاريد المصريات وقت زيارة الضريح؛ فهم ينظرون إلى الإمام الحسين على أنه "عريس وأمل وشمس" بحسب تعبير نوارة نجم، التي تقول إنهم يتعاملون مع استشهاده على أنه بشرى.
"وليّ النِّعم"
صدر الصورة، AFP via Getty Images
"إنت الحب الكبير، الأول والأخير، ولا غيرك يا حبيبي، قلبي لهواه أسير"، هذا المقطع من أغنية للمطرب اللبناني راغب علامة، سمعته نوارة بصوت إحداهن في إحدى زياراتها للحسين معبرة بذلك عن مدى حبها له.
وتقول نوارة إن حبها هي للحسين به جانب "غير عقلاني" يكتنفه شيء من "الغموض"، يضاف إلى تجسيده قيم "البطولة والفداء والتصدي للحاكم الجائر وللباطل، ونداءاته ضد المذلة ولفظه الدنيا".
واستدركت بأن الأمر ربما يكون وراثياً "رضعته" من أمها وأبيها، وأرضعته ابنتَها التي تشتاق دوماً إلى زيارة الإمام الحسين رغم حداثة سنها وعدم إدراكها لكل ما ذكره التاريخ من أحداث بشأنه.
ويُلقب الإمام الحسين لدى محبيه بأنه "رئيس جمهورية الباطن" أي أنه الحاكم الروحي الباطني لمصر، و"وَلي النِّعم" الذي يبعث لزواره الخير والنِّعَم والأنوار.
ويعلق الدكتور مؤمن، إمام وخطيب مسجد الحسين، بأن "أفضل نعم أولياء الله الصالحين في مصر هو سيدنا الإمام الحسين، لذا نناديه بولي النعم؛ أي أنه أفضل وليّ من أولياء الله الصالحين عندنا في مصر".
وأضاف الإمام المتخصص في العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين، أن في هذا دلالة على مدى حب المصريين للحسين الذي "اختصه" جده النبي محمد بميزة "لم تكن لأحد غيره على الإطلاق" حين قال "أحبَّ الله من أحب حُسيناً"، في الحديث الشريف.
صدر الصورة، Getty Images
أما عن كونه "رئيس جمهورية الباطن"، كما يلقبه البعض، فهو من باب "التبعية والإمامة والقدوة"، بحسب الشيخ الأزهري الذي قال إن لسان حال المصريين "إذا لم يكن هو الرئيس ظاهراً كما نتمنى، فعلى الأقل تكون رئاسته لدينا في الباطن؛ نتبعه في الأخلاق والآداب، ليكون وسيلتنا إلى محبة النبي".
والحقيقة أن من يرصد الواقع المجتمعي المصري، يرى أن المصريين توارثوا على مدى 800 عام حب الحسين المجرد من المذهبية، وخلعوا عليه مختلف الألقاب التي تعكس إجلالهم له ومكانته الرفيعة في قلوبهم، واتخذوا من رأسه كعبة يشدون إليها الرحال كلما نشدوا السكينة والبهجة والبركة، غير مكترثين لأي قضية خلافية حول ذلك.
ولربما لهذا قال السبط ابن الجوزي، المؤرخ المولود في بغداد، الذي عاش في القرن السادس الهجري: "في أي مكان كان رأس الحسين أو جسدُه، فهو ساكن في القلوب والضمائر، قاطن في الأسرار والخواطر".
أما لسان حال المصريين في حب الحسين، فقد عبر عنه زين الدين أبو العباس ابن قطنة النحوي، أحد أئمة مصر في اللغة العربية منذ أكثر من ثمانية قرون حين قال:
لا تطلبوا المَولى الحُسينِ … بأرضِ شرقٍ أو بغربِ
ودعوا الجميعَ وعرّجُوا … نحوي فمشهدُه بقلبي
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية المحتوى في موقع YouTube قد يتضمن إعلانات
نهاية YouTube مشاركة, 3
Latest BBC Arabic
- مدير المخابرات المصرية يلتقي نتنياهو في إسرائيل، والحيّة: "اتفاق غزة سيصمد، ومصممون على المضي فيه إلى نهايته"صرح مكتب نتنياهو في بيان: "التقى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وفريقه المختص، برئيس المخابرات المصرية في مكتب رئيس الوزراء بالقدس".
- قطة محظوظة وكرة ممزقة: أشياء تمسّك بها الغزّيون طوال عامين من الحرب"في النزوح الأخير، عندما وصلت الدبابات إلينا، ذهبت إلى منزل عائلة أخرى، لكن الناس انزعجوا من حيواناتي الأليفة، فعدت إلى شقة أمي رغم صدور أوامر إخلاء ووجود الدبابات في المكان. بقيت هناك بمفردي حتى رُفع الأمر".
- "جيل زد هو القوة الجديدة في السياسة العالمية"- فايننشال تايمزتتحدّث الصحف العالمية عن أبرز الأحداث التي جرت في الآونة الأخيرة، كالإطاحة برئيس مدغشقر عقب تظاهرات نظمها جيل زد، وسرقة متحف اللوفر، و"الإلحاح" البريطاني لتوثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
- سرقة صور نساء صوماليات واستغلالها للترويج لدعاية سياسيةلم تكن نساء صوماليات شهيرات ممن يعملن كمؤثرات أو عارضات أزياء يعلمن بأن صورهن تُستخدم لإنشاء حسابات مزيفة تحمل أسماءهن، على مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر رسائل سياسية حول الصومال والإمارات العربية المتحدة والحرب في السودان.
- زيلينسكي: "مستعدٌ للانضمام إلى ترامب وبوتين في القمة المقترحة في المجر إذا وُجّهت لي الدعوة"قال زيلينسكي: "إذا كانت الدعوة في صيغة اجتماع ثلاثي، أو كما يطلق عليها الدبلوماسية المكوكية.. فسنوافق بشكل أو بآخر".
- لماذا أدى انقطاع خدمات شبكة أمازون إلى تعطّل منصات ومواقع عالمية؟أثّر انقطاع خدمات أمازون على أكثر من 1000 شركة وأثّر على ملايين مستخدمي الإنترنت.